المشاركات

كرك، جوز هند، والطبيب الزائف

صورة
صباح الخير، قبل كتابتي لهذه التدوينة كنت جالسة على الأرض أتناول الفطور وأتلذّذ بكل مافيه، استيقظت في شهيّة شديدة للكرك، ولديّ وصفتي الخاصة التي استقيتها من عائلة أمي ذوي الأصول الآسيوية المختلطة بين الهند، باكستان وميانمار.  وصفتي تحتوي: شاي أسود قوي وثقيل، حليب مبخّر، حليب مكثّف محلّى (تقول أمي أنها تحبه لأنّ له نكهة فانيلّا لطيفة)، القليل من القرفة والزعفران والزنجبيل، والكثير الكثير من الهيل. بجانب ذلك، حضّرت براتا بالبيض والجبنة القشدية، وسخّنت قطع من كعك جوز الهند.  كنت أشاهد حلقة من بودكاست "فاكهيّ قليلًا"، يتحدّث عن د. فيل، الرجل الذي تقيّأته أوبرا لنا أواخر التسعينات وورطنا فيه في بدايات الألفينات.  في إحدى حلقات برنامجه القذر، بدأ الحلقة بـ"ماذا لو كنت تربي مجرمًا من منزلك"، وجعلنا نشاهد مقاطع قام فريقه بتصويرها لطفل في التاسعة من عمره يقوم بأفعال عنيفة تجاه أخته والحيوانات في المنزل دون ندم، وأفعال أخرى.. سألت ضيفة البودكاست المقدّم حينها، "هل كان التبوّل اللاإرادي من تلك الأفعال؟" واتضح أنه كان. انفجرت الكثير من الذكريات في ذهني حينها، نشأت في ب...

مكان عاديّ وساحر

سطوح بيت ستّي، كان أقرب نقطة إلى السماء.. حيث ألتقي حبيبًا خياليًا، أرقص مع القمر تارة، وتحتضني الشمس تارة. هو خط المنتصف ، حيث أستطيع أن أتمدّد فوق اللاشيء.. وفوق كل شيء. حيث ظننت أنني رأيت الأرض جميعها.. ظننت أنني أعلى وأقوى من مركاز الحارة. لم يكن هناك سواي، ولا زال.. لا زلت أعلق الذكريات على حبل الغسيل، صورٌ يغطيها الغبار، وأخرى اختطفتها الرياح. كانت البقعة الأقل رطوبة في بيوت الصحيفة.. رغم وهنه كبقية بيوت جدة القديمة، لطالما ظننته قويًا، لأنه..  ببساطة.. يحملني.  كان هذا البيت قويًا وحنونًا، أكتر من ستّي.  ______ الأربعاء، 27 أغسطس، 2025 لقاء "بذور الطفولة"، في نادي الشعر. 

المرأة الخامسة

صورة
كيف نتحدّث عن جدّاتنا؟ هناك هوس في الوسط في الثقافي حول الجدة، يدور غالبًا حول الحنين والذكريات والدفء، يدور غالبًا حول ما تعطيه لنا الجدة، تمامًا مثل حديثنا عن الأم.. فقط عندما نتوقّف عن النظر إلى علاقاتنا مع آبائنا وأجدادنا كعلاقات نفعية، وننظر إليهم بشكل مجرّد من هذه العلاقات، ننظر إليهم كبشر، مثلنا تمامًا.. حينها فقط، سنرى كم نضجنا.  أكتب الآن وصوت مكيّف صالتي ومروحتها القديمة يعزفان سيمفونية الليل المعتادة، تجلس صديقة على السجادة والباب مفتوح، يدٌ تحمل هاتفها الموصل بالكهرباء، ويد أخرى تلعب بظفيرة شعرها. نينا سيمون تغني في الخلفية. غرفة مضاءة، وإضاءة صالتي خافتة. نحتسي كلّنا البابونج. لا أستطيع ألا أفكر بليالي المذاكرة في الطفولة، ضوء خافت، شاي حليب، تلفاز مضاء بلا صوت، ربما راديو؟ سِيدي كان يحُبّ الراديو. أنا ممدّدة على الأرض بقميص النوم، بطني على الأرض، أكتب الواجب.  لا علاقة بما كتبته بالسبب الذي بدأت فيه هذه التدوينة، في الحقيقة.. بدأتها من الجدة.  كفتاة نشأت في بيئة غير طبيعية، أيًا كان معنى ذلك لديك أيها القارئ، كان "الرجل الأوّل في حياتي" غير موثوق به، ولا الث...

صفحة؟ نهار؟

 هل نخاف من أنفسنا؟ أو "كم" نخاف من أنفسنا؟  أو نخاف أننا نخاف من أنفسنا؟  مالذي أخافه في نفسي؟ ربما الخوف ليس من بيان ما فيها أو رؤيته فقط، ربما ما تبع ذلك.. لكن ما الذي يتبع ذلك؟  الأسبوع الماضي، كنت أتحدث إلى معالجتي النفسية، وأخبرتها، أنني وأخيرًا.. أشعر أنني أقع في الغرام.. أرى نفسي.. أصبحت.. مغرمة بنفسي! قلتها وبكيت. شعرت بالخوف عندما نطقتها!  أتعلمون ماذا أشعر عندما أقع في غرام شخصٍ ما؟ أنني أريد أن أكتشفه أكثر، أن أراه كاملًا، عاريًا، صادقًا، قويًا وضعيفًا أيضًا..  أن أعتني به في كلّ حال، وأن أعتمد عليه في كل حال..  تعلّمت الرسم قبل عدة سنوات، ما لم أفعله قط: أن أرسم نفسي.  كم أودّ أن أرسم نفسي، وأغنيها، وأرقصها، أودّ أن أشبه نفسي.  أليس مخيفًا؟ جميلًا؟ مضحكًا؟ 

بئر عطشان

 ليس هناك ما يستحقّ الكتابة، هذا ما أشعر به منذ آخر صفحة. حتى أنتم، لمَ ينبغي عليكم أن تقرؤوا ما أكتب؟ أنتم الآن تقرؤون وترون الكثير من الأشياء على أجهزتكم المحمولة يوميًا، ما الفائدة من إضافة شيءٍ آخر.  أشعر الآن أن الكتابة فعلٌ أنانيّ، سئمت من الاتصال ذو الاتجاه الواحد، هذه التسيمة التي تعلمتها في كلية الاتصال والإعلام..  هل أسلّيكم؟ أنا أكتب لأسلّي نفسي في الحقيقة.. شاهدت فيديومؤخرًا لكاتبة تقول بأن العالم يحتاج إلى فننا.. سأحاول أن أصدّقها..  سأستخدم ما قالته لأقنع نفسي بأني أنانية إن لم أشارككم هراء أفكاري، وأن الكتابة بقصد المشاركة فعلٌ نبيل.. مشّوها.  من المفترض أن أدرس الآن، لا دافع أقوى للكتابة من الهرب.  أودّ أن أحكي لكم اليوم عن عطشي، لطالما اشتكيت لكم من العطش، لكن اليوم أودّ أن أشارككم أخيرًا، أنني أصبحت أرتوي رويدًا رويدًا.. على قولتهم يعني.  العودة إلى المنزل بلا عمل أمر ممتع جدًا، سمعت الكثير من الموسيقى، وشاهدت الكثير من المواسم لعدة مسلسلات، ذهبت إلى أكثر من معرض فني، أشعر أن الحياة عادت تبثّ نفسها قليلًا في داخلي.. أليس ذلك جميلًا؟...

صفحة ما بعد الفطور

 رمضان أوشك على الانتهاء، أتوق بشدّة للعودة إلى يومٍ طبيعيّ، أتوق إلى النوم في الليل، والتنفس براحة، وفطور لذيذ وكتابة صفحات النّهار.  لا أريد العمل، أريد أن أرقص، أن أغني بصوت عالٍ حتى يظن الناس أني جُننت؟ لا أعلم لماذا وضعت علامة استفهام هنا، أردت ذلك.  يقال أن من يدخّن يتوقّف عن رؤية الأحلام.. لا أدخّن، أزعم. رغم كلّ ما فعله بي النوم في سنوات حياتي، لا أريد أن أخسر أحلامي. وعدتكم في آخر صفحة أن أشارككم قصصًا من عالمي، أحلامي جزء من هذا العالم، كيف سأكتب بلا أحلام؟ كيف أعيش بلا أحلام؟ أحلام اليوم لا تكفي، أحلام الليل مختلفة!  بصراحة، لقد شاركتكم قصة من أحلامي من قبل، أغضبت البعض، وانتقدها البعض، عن نفسي، أحبها جدًا، براحتكم.  "كل ما نملكه هو الجوع" تقول أميرة الفجر، وتقول أيضًا: "ثمّ نصبح حالمين في الليل، عابرين طريق، قليلين الحديث. بينما ينبغي أن نحلم في النهار، نمشي على القمر، ونتحدث عن أحلامنا" بتصرّف.  أعتقد أن من يحلم في النهار ينبغي أن يطلق عليه "صاحب رؤى"، أهذه التسمية صحيحة؟ تأمّلت البارحة في اسم "رؤى"، ظننت أن لصاحبتها منه نصيب. هل تعر...

صفحة فطور

هل في داخل كلّ منا عالم بأكمله؟ هل يا ترى لهذه العوالم أحجام؟  أسمع كلمة "هناك الكثير من الظلمة في داخلي" كثيرًا من الناس في هذه الفترة.. لكن، كيف يرى كلّ منا ظلمته؟  ولمَ اخترنا الظلمة؟ مالذي نعنيه بالظلمة؟  هل الظلمة سوداء بالضرورة؟ أشعر أن داخلي الكثير  من الألوان.. تعرفون؟ عندما يقال: "شلونك؟" أو عندما نقول أن شخصًا تغير "لون وجهه".. قد نرى أن هذه الألوان هي ما يخرج على السطح، من أفكار ومشاعر أخرى دفينة، أو ببساطة نتيجة لتفاعلات مختلفة تحصل داخل جسدنا..  "أنا أسمر لكن عندي حمرة خجل"، ما لون الخجل الحقيقي؟ لا أعتقد أن للخجل لون الدم، أشعر أن الخجل يشبه الخوخ أو المشمش.  أشعر أن الكآبة بيضاء وليست سوداء، والهدوء أزرق، والغضب أسود.. أتخيّل يعني..  لم نشعر أننا بحاجة لتلوين الأشياء؟ دقيقة! ما لون الحب؟ أو الإعجاب؟ ما لون الجد والهزل؟  أليس كلّ شخص عبارة عن مجموعة من الألوان؟ ربما حتى.. لو نظرنا لها بشكل آخر، بعضنا ألوان من الماء، وبعضنا ألوان من الخشب، وبعضنا ألوان زيتية.. ماذا يعني ذلك؟ لا شيء، مجرد اختلاف. لا يعني الاختلاف شيئًا بالضرورة.  ...