صفحات النّهار - الصفحة الحادية عشر
أكتب لكم هذه الصفحة من غرفة بها ما يقارب الثلاثين شخص، يحضرون نفس الاجتماع على أجهزتهم، كم أتمنى لو يصمتون جميعًا، أو يذهبوا إلى المنزل، أشعر أنهم يصرخون طوال الوقت ولا يقولون شيئًا جديدًا. كل ما يقولونه لا يبدو مهمَا بالنسبة لي. بالأمس، سألتنا صديقة: "إن كنتم عالقين في جزيرة، ما الذي قد يدفعكم للبقاء؟ هل هو النجاة والخروج من الجزيرة؟ أو النجاة والبقاء في الجزيرة؟" كل ما فكرت فيه حينها، أنني أريد البقاء في الجزيرة، تخيّلت صوت الأمواج وهي تزور الشاطئ، وشعور الرمل يلامس قدمي، وهواء خفيف يحرّك شعري، وسعف النخيل يتراقص في تناغم.. سيقول أحدكم، يبدو أنك تحتاجين إلى أجازة، وأقول: هذا مو موضوعنا، ممكن نركّز شوية؟
ما هو "المهم"؟ إذا كان كل شيء هنا ليس مهمًا.. استيقظت اليوم في مزاجٍ غريب، ولا زلت في مزاجٍ غريب، أتظاهر بالعمل بينما أكتب هذه الصفحة.
ما هو المهم؟ ماذا يهمني اليوم؟ بصراحة.. يهمني أن أجد الأغاني المناسبة لمزاجي اليوم، يهمّني أن أجد طيرًا لا يخاف مني عند مواقف السيارات، وغرابًا لا أخاف منه.
يهمني أن أجد مكانًا أختبئ فيه، أن أجد قصةً ممتعة! تستحق أن أستمع لها! أن أعرف شيئًا جديدًا، أن أرى شخصًا جميلًا!
صديق لي أخبرني ألا أفكر وأنا أدوّن، أن أستمتع فقط، أعتقد أن هذا "المهم".
أودّ أن أستقيل من العالم اليوم. ربما.. أذهب إلى البحر بدلًا من السوق؟ ربما.. ما الذي كان ينبغي أن تكون عنه هذه الصفحة؟
قاطعت هذه الصفحة مديرتي لندخل اجتماعًا غير مهم.
______________
عدنــــــــــــا
______________
عقلي غادر المجموعة. هذا ما قلته لزميلتي بالأمس عندما أردت الهروب من المكتب في آخر اليوم. أنا بحاجة شديدة إلى الصمت. أشعر أن أفكاري مسجونة في خزانة. لا أعرف شكلها حتى! وأنا أكتب هذه الجملة صرخت زميلتنا في المكتب "ايشششش فيييييييه؟؟؟؟؟؟" في سخط. صراحة معاها حق. تساءلت عندما سمعتها، هل هكذا يسمع الناس صوتي في المكتب؟ هل أنا مزعجة لهذا الحد؟
قاطعنا زائر مفاجئ! يبدو أنني لن أعود هذه المرة.
_________________________
أمزح! عدت.
بصراحة لا أريد مغادرة هذه الصفحة، لا أريد العودة إلى العمل، أريد العودة هنا. أقول كلمة "صراحة" كثيرًا. لا أرى أن ذلك خيرًا.. "ماذا حدث للقلب؟" هذا كان عنوان ألبوم أميرة الفجر في 2024، استمعت إليه كثيرًا، أردت أن أعود إليه اليوم. تحدثت عنه في صفحة أخرى في هذه المدوّنة بالتأكيد. لا أذكر ما قلت، ربما أكرّر نفسي، سامحوني.
لكن هذا الألبوم عظيم يا جماعة! "ماذا حدث للقلب؟"، هل تساءلتم؟ أظن أنه سؤال مهم، ربما ينبغي أن أسأله لنفسي كلّ يوم. أليس ذلك ضروريًا؟؟؟؟ في أغنية أخرى في هذا الألبوم تسألنا أميرة الفجر: "دمك، ممّ تتكوّن؟ أيًّا كان. هل تشعر به يسافر في قلبك؟ ذهابًا وإيابًا؟" أعذروا ترجمتي الركيكة. لكن هل تشعرون به؟ كم مرة تشعرون به خلال اليوم؟ هل تريدون أن تشعروا به دائمًا؟ لم لا؟
صديق لي تساءل في مدوّنته: "ماذا لو كنا أشجارًا؟" أو شيء من هذا القبيل، قلت له أودّ أن أكون جبلًا. الآن أفكّر.. جسدي يتخلّله 70% من الماء، أو هكذا قالوا. لم أرفض تمامًا أن أكون سائلًا؟ لم لا أريد التفكير في دمي يمشي في داخلي؟ لم أريد أن أكون جمادًا؟ مادة صلبة.. أليس ذلك غريبًا؟ لم نخاف أن نكون ماءً؟ يقول جبران: "إنما الناس سطور، كتبت لكن بماء"، لم يقصد ما أقصد. لكن، ألسنا ماءً؟
________________
خلاص آخر مرة والله. لن أعود.
تعليقات
إرسال تعليق