صفحات النّهار - الصفحة الرابعة

 ماذا لو خسرنا الشمس؟ هل يبقى النّهار نهارًا؟ وتبقى صفحات النّهار.. صفحات النّهار؟ 
هل يبقى الأصفر أصفرًا؟ ويبقى جمالنا حقيقيًا؟ هل سنرى الحقّ بوضوح؟ 
ماذا لو خسرت الضّوء في عينيك؟ وأصبح كلّ شيءٍ داكنًا؟ هل ستبقى قادرًا على الحبّ؟ 
على رؤية الجمال من حولك؟ أنا لا أتكلّم برمزية، أنا أتكلم من جد. 

مالذي نبصر به العالم؟ أهو صحيح؟ أهو منير؟ أم مظلم؟ النور والظلام ليسا مرادفين للتفاؤل والتشاؤم وهراء نصف الكأس.. بل مدى اتساع الكأس، مدى شفافيتها، ما نرسمه عليه، لا ما نملؤه به. "ماذا ترى؟"، لكن.. ربما.. هل ترى؟ أم تعتقد أنك ترى؟ أم ترى ما تريد؟ أم ترى ما تستطيع؟ أم ترى ما يقال؟ أم ترى.. 

أشعر أني غافلة، عن شيءٍ ما، أعلم أنه ليس هناك شيءٌ واحد هو ما ينير كلّ شيء، هذا هراء. لكنني متأكدة، أنني فاقدة للبصيرة، جزئيًا يعني.. أعرف نفسي، إلى حدٍّ ما. 

انعكاس النور على السيارات العابرة يضايقني.. أفكّر أحيانًا في حدود الرّاحة، ما الذي نعتبره يتعدّى تلك الحدود وما الذي يتعدّاها ولكننا نسمح له بالتعدّي، لا أتحدث هنا عن الأخطاء التي نتجاوزها عندما نحب شخصًا ما، مو كل شيء حبّيني-أحبّك، ركزا معايا! أتحدّث عن حدود الرّاحة بيننا وبين أنفسنا، التي سوف تخرج إلى الآخرين بالطبع في وقتٍ ما، لكنها تبدأ هنا في الداخل. بمعنى، قد لا نتحمّل أن يكون السرير غير مرتّب، رغم أننا نزوره مرة واحدة خلال اليوم، ولكننا قد نترك الصحون تتكاثر في المغسلة، بينما نزور المطبخ ثلاث مرات في اليوم. "تبقين لطيفة حتّى يصبح وجودك غير مريح بالنسبة له"، ما هي حدوده فيما هو مريح؟ وما حدودي أنا فيما هو غير مريح؟

هل سنبقي كلّ شيء نحبّه بعيدًا لدرجة كافية ومريحة بالنسبة لنا؟ أن يقف هذا الحدّ؟ قبل أن نعي أنه أصبح بعيدًا جدًا؟ كم مكالمة/رسالة سوف نتجاهل ليبقى هذا الشخص في "المساحة المريحة" التي لا نشعر فيها بالأذى أو الانزعاج؟ فرق شاسع بين الأذى والانزعاج. يستحق التأمّل في رأيي. كم هو القدر الذي نستطيع فيه تحمّل الإزعاج، قبل أن يصبح مؤذيًا؟ أهي كذلك؟ أم هما نوعان منفصلان؟ هل يؤذيني صاحبي عندما يكثر الشكوى؟ أم يزعجني فقط؟ مثلًا يعني.. ما الذي يحدّد ذلك؟ لا تقل نيّة وما نيّة، أنا لا أتحدّث عن نية صاحبي، الأذى أذى، حتى إن لم يقصد صاحبه فعل ذلك. قد تعتقد أيها القارئ الآن أن هذا الموضوع الذي أردت الحديث فيه؟ أخطأت، قلت لك مثال، ركز معايا أرجوك. 

أفكر الآن، هل أستطيع تحويل هذه الصفحات إلى رسائل؟ هل هذا صحيح؟ أو مُجدٍ؟ 
أحب أن أراقب حركة الناس في المقهى، وأحلّلها، دون الاستماع لحواراتهم، ثم أخطئ أحيانًا وأخلع سماعتي لأتنصّت قليلًا، ليست كل الحوارات تستحقّ الاستماع، لكن أرى أن كلّ حركات الجسد تستحقّ التأمل. أرى أرى أرى، لماذا أرى؟ لقافة، فضول، ملل. 

أودّ أن أرى نسبة الروايات والقصص المكتوبة بضمير الأنا، بالراوي الـ... شيءٍ ما، نسيت. أودّ أن أعرف من يكتب بهذه الطريقة، لأنني أكثر من الكتابة بهذه الطريقة، وأعتقد أنه شيءٌ نرجسيٌّ مني صراحة.. لكنني أقلق أيضًا من الأشخاص الذين يتحدثون عن أنفسهم بصيغة الغائب.. لا أرى أن ذلك طبيعي. أرى أرى أرى، أنا أنا أنا، عيني، نفسي، رأيي، فكرتي، صراحتي.. أحيانًا عندما أحكي عن تجربةٍ ما في حياتي أشعر أني أودّ تحويلها إلى قصة أو مسلسل، مؤخرًا، ورش العمل التي أحضرها، والبرامج التعليمية، والأحداث والمناسبات الاجتماعية والمعارض الفنية وغيرها.. هل تستحقّ الكتابة؟ بعضها كان كرتونيًا جدًا صراحة.. ربما يستحق. ربما في الصفحات القادمة. 

تعليقات

مقالات فنية

من هو القيم الفني؟

ماذا ينبغي أن يقول الفن؟

لا بأس، ستأتي فرصة أخرى