تحليل قصيدة "هامش يدعي أنه السندباد" للكاتب مهدي بن حسين - المنهج الأسلوبي


 

تتخذ القصيدة بناء على العنوان المرتبط بالسندباد والهامش حقلين بين معجم الأدب والقصائد المقروءة، ومعجم أسطوري يحمل قصة السندباد ومفردات الماء.  يظهر العنوان "هامش يدعي أنه السندباد" صورة خيالية، حيث يعطي هوية لمفهوم الهامش كهوية البشر، ويعطي له حرية إرادة باختياره لنفسه اسمًا وقصة. وهنا يوحي لنا بأن مقبلون على قراءة قصة خيالية بعيدة عن الواقع تمامًا، وتجعلنا نتساءل عن سبب هذا الادعاء والتحول في هوية "الهامش"، وهي صورة مجازية عن إنسان فارغ أو ليس ذو أهمية اتخذ لنفسه مقامًا أسطوريًا واقتبس هويته من قصة خيالية.



ينتقل مهدي بين دلالات الماء بانسيابية كناية عن دور الماء في تكوين هوية السندباد كبحار، حيث نحكي عن هوية الهامش، وبين دلالات أسطورية عربية كسباق الخيل وبين علاقة الشاعر والقارئ التي تحكمها القصيدة المكتوبة، لذلك هنا نمتلك معجمين أساسيان، لكن مهدي يخرج بينهما بين حين وأخر حيث ذكر سباق الخيل وطفل الحرب لإيصال معان أخرى. 

لا يستخدم مهدي التكرار إلا في جملة "أنا هامش"، تأكيدًا لعدم الرضا شخصية الهامش عن هويته. وتتنوّع الأساليب التي يستخدمها مهدي بين السرد القصصي حينًا وبين الخطاب المباشر حينًا آخر، في رأيي أن تنوع الأساليب يخرج القارئ عن الروتين ويقلل من شعوره بالملل أثناء مروره بالقصيدة لكنه أيضًا قد يصعّب على القارئ متابعة الأفكار وفهم النص وما وراءه من معان. ويستمر مهدي في استخدام الأسلوب الخبري حتى نصل لأخر القصيدة، حيث يستخدم الأسلوب الإنشائي "الاستفهام" وكأنه يستحث القارئ على التفكير أو يطلب منه جوابًا يعيد له الأمل. وأرى أن ترك الأسلوب الإنشائي لآخر القصيدة كان قويًا وجعل وقع الرسالة أشد على القارئ. 

النص مليء بالصور والاستعارات، ويظهر من العنوان، وأرى فيها إظهارًا لحالة الشاعر النفسية ورغبته في الهروب نحو عالم الخيال ودعوته للقارئ لهذا العالم. أو أن الشاعر يرى العالم حين يكتب الشعر كمجموعة من الاستعارات والصور.
أرى أن استعارات مهدي موفقة لبساطتها وقربها من القارئ، لكن ربما وددت الحفاظ على الترابط المعجمي والدلالي بينهم.

أحببت توظيف أسطورة السندباد، وأرى إصرار مهدي على كونها أسطورة عربية عبر ربطها بالحضارة السومرية والأنهار، بينما اختلف الناس في أصل هذه الأسطورة إن كانت عربية أو فارسية، لكن ارتباط مهدي كشاعر وكمهدي بشكل شخصي بأرض العراق يتضح دائمًا من خلال نصوصه، حيث أجده يرى فيها الأصل والمنتهى، وأرى أن توظيف هذه الأسطورة هنا في هذا السياق موفق حيث قد تود شخصية الهامش العودة لأصل قوي أو التحول لما تراه إيجابيًا وهذا ما تمثله الأسطورة.


واجهت صعوبة في الحفاظ على مستوى إيقاعي متناغم خلال قراءتي للقصيدة، قد يكون مهدي قد تعمد ذلك ليوحي لي بالمشاعر التي يريد إيصالها من خلال النص، وقد يكون خطأً ينبغي الالتفات إليه. لا يهتم مهدي بالقافية كثيرًا، لكنه يجيد بامتياز التحكم بتدفق مشاعر القارٍئ أثناء قراءته للقصيدة.

وأخيرًا..
المعنى الظاهر للنص قد يبدو كقصة يرويها لنا شاعر ورحلة إلى عالم من الصور، بطلها الهامش. بنما البنية الخفية للنص في رأيي هي رسالة مباشرة من الشاعر يحكي فيها عن علاقتها بشعره وارتباطها بهويته وما خلف ذلك من صراعات. ___________________ خيريّة، تنقد القصيدة لأول مرة! الأربعاء 7 يونيو 2023 ورشة النقد الأدبي

تعليقات

مقالات فنية

من هو القيم الفني؟

ماذا ينبغي أن يقول الفن؟

لا بأس، ستأتي فرصة أخرى