احتفال سبتمبر ونشوة الفن

 لم أدوّن شيئًا منذ بدأ سبتمبر، يمر هذا الشهر سريعًا بشكل مفزع!
منذ يومه الأول وأنا أحتفل، لا أعلم ما المناسبة.. قد يكون شعورًا بالانتصار بعد ما مررت به في أغسطس
أو احتفالاً بمرور شهرين على وجودي في مدينة الرياض دون أن أفقد عقلي؟
كل ما أعرفه أني طالبت بكعكة في أوله، وأحضرتها لنفسي.

لأول مرة منذ فترة طويلة انتشيت بالفن خلال هذا الأسبوع، بشتى أشكاله..
أحدها كان البارحة..

حضرت معرض إقامة مسك الفنية البارحة،
احتضنت الإقامة 6 فنانين، استكشفوا تقنية الطباعة بالشاشة الحريرية من خلال أعمالهم الفنية.

خرجت الفنانة شذى الطميحي بثلاثة أعمال في شكل رسومات مطبوعة،
تحكي قصة الوحوش التي نتحوّل إليها في محاولاتنا الحزينة لإثبات شيءِ ما.
قد يخدع أسلوب شذى الناظر إلى اعتبار العمل معتادًا ومسلمًا به..
لكن حين اقتربت شعرت بثقلٍ غريب، شعرت بروح الشخصيّة وما أرادت قوله.

لكن هذا الثقل لا يقترب أبدًا بما شعرت به في الستوديو المجاور،
الذي كان يحوي أعمال الفنان محمد فتّال،
مجموعة من الأعمال المطبوعة معلّقة يحرّكها الهواء، يتوسّطها فيديو مسموع الصّوت
عندما رأيت البيت المهدوم في الشاشة، تردّد جسدي في الدخول..
تذكّرت البيوت المقدسيّة المنهوبة، وحارات جدّة الراحلة.. شعور الفقد كان طاغيًا ومؤلمًا في تلك اللحظة.
"ليش يا محمّد ليش؟" هذا ما كان يجري في عقلي.. 
لم أستطع البقاء كثيرًا،
وابتسمت لمحمّد ابتسامة خجل وأنا أغادر الستوديو بعد حوار بيننا عن استخدامه الرائع للفرشة في العمل المختبئ بجانب الباب.

استطعت التقاط أنفاسي حين توسّطت بين أعمال الفنانة روابي،
التي اكتشفت ذاتها بلُطف في مجموعة كبيرة من الصورالملوّنة العالقة في الذاكرة..
حين رأيت روابي في منتصف الغرفة تحكي لي عن تجربتها،
شعرت كأني داخل جدران ذاتها، أعتقد أنني محظوظة جدًا بهذه الرؤية..
تنساب المشاعربرقّة في تلك الجدران المعلّقة على هيئة قماش أبيض تتخلله الألوان.

في ستوديو هيثم، صور صغيرة الحجم طبعت كلّ منها في ثلاثة نسخ مختلفة الألوان
تجسّد كل صورة درعًا مختلفًا من الدروع التي نرتديها حين نختبئ من الآخر..
بين مقتنياتنا، ملابسنا، كلماتنا، وحركات أجسادنا.. كلّها لم تكن درعًا بحد ذاتها!
كما ذكر لي هيثم، كانت صورًا سطحية تحمل في داخلها المفاهيم التي نتمسّك بها في خوف.

"نعاند وما نتعلّم إلا لما نتألم بعد ما نجرب بأنفسنا"، قالتها لي أنفال مبتسمة
تخفي ضحكة ساخرة عن طبيعة الإنسان التي لا تتغيّر التي حكت عنها في أعمالها التي تملأ الستوديو
مجسّدة في عدة صور مطبوعة بعدة ألوان،
مشهد قصير من ذاكرة كل طفل، يصوّرتجربتنا الأولى في الألم، أيدينا مُقبلة، ثم أعيننا مخذولة.
احتفظت أنفال بكل تجربة قامت بها في الإقامة معروضة في الستوديو، حتى أنني لم أعرف أيّ التجارب كانت عملها النهائي..
يبدو لي أن تجربة الإنسان مع الألم والتعلّم لا تنتهي، وعناده لا ينتهي.

عملي المفضّل كان عمل الفنان مشاري العصيمي، انحيازًا مني للكتابة..
بنى الفنان عمله على نصّ من 6 أجزاء، يصوّر فيه مشهدًا لمحاولة هروب فاشلة يلوم فيها السيارة.
يمتلئ الستوديو بالصور والكلمات، وعملين فيديو قصيرة وعجلتيّ سيارة في المنتصف
ويغطي كل هذا إضاءةً حمراء تشعل حالةً من الهلع في دواخلنا.
حين أمتلئ بعمل، أكاد أفقد الكلمات.. تمنّيت لو أطلت البقاء هناك
وتمنّيت لو كتبت مدوّنة أخرى مخصّصة لهذا العمل.


خيريّة، تنتشي بالفن.
الثلاثاء 6 سبتمبر 2022
10:00 صباحًا

تعليقات

مقالات فنية

من هو القيم الفني؟

ماذا ينبغي أن يقول الفن؟

لا بأس، ستأتي فرصة أخرى