ناموسة، وأم سعد

 في المسلسل الكرتوني "فم كبير" على منصة نتفلكس، يصوّر الكاتب القلق في شخصية ناموسة، أو بعوضة بالأحرى
أجد هذه الصورة تجسيدًا حقيقيًا لنوبات القلق التي أمرّ بها،
فهي مفاجأة، تشعر بها في جسدك حقًا.. قليل من التنميل، الرغبة في الحكّة أو عمل شيءٍ ما!
أفكار عشوائية، متسارعة، غير منطقية، ومؤذية في أغلبها..
حين أصاب بنوبة قلق، أكون غير موجودة. ليس هناك سبب واحد للقلق، فحينها كل الأسباب تنبثق وتبدو حقيقيّة جدًا.
مهمتنا الآن أن نبحث عن المزيد من الأسباب والمزيد من الحلول والكثير من الأسئلة التي لا إجابة لها،
أن نكتب بلا توقف، ونمشي بلا توقف، ونحدّق في الأفق.

أكتب الآن من المقهى، الذي أستغلّه لانتظار موعد افتتاح المكتبة المجاورة..
صادفت مكتبة صغيرة مُهمَلة وأسيء لها بوضع مجموعة من الاختيارات الرديئة التي لا تتجاوز العشرين كتابًا.
بعضها في الحقيقة ليست اختيارًا، مجرّد كتب مدرسية/جامعية نسيها أحد الطلاب متعمّدًا مدّعيًا عدم التعمّد.
أثناء تطفّلي المعتاد في ترتيب المكتبة التي لا أملكها، صادفت كتابًا صغيرًا للشهيد غسّان كنفاني بعنوان "أم سعد"، لا أعلم إذا كانت أم سعد مجرّد رمز.. لكني متأكدة أنها حقيقيّة.
أم سعد امرأة فلسطينية، لا أشعر تجاهها بالحزن أو الشفقة.. أكاد أغبطها!
في الفصل الأول نكتشف من الحوار أن ابنها سعد قابع في السجن، بينما يتحدّث بطلنا وزوجته تقول الزوجة: "لقد اختفت أم سعد منذ تفجر القتال، وها هي تعود وكأنما على إيقاع الهزيمة.."
ينتهي حوار أم سعد مع بطلنا برحيلها غاضبة، لكنني أتساءل.. لماذا أتخيل أم سعد في قمة الهدوء؟
لماذا لم أشعر بأنها قلقة على ولدها؟ تعتقد أم سعد أن وجود ابنها في السجن لا يختلف عن وجوده في المخيّم، وحين خالف البطل رأيها هذا.. رحلت غاضبة.
لكن هذا السبب ليس كافيًا بالنسبة لي، أتساءل كثيرًا.. متى سوف أتوقّف عن القلق؟

خلال 20 سنة، كنت أتقلّب حرقةً بين نوبة غضبٍ وأخرى.
لكن في السنوات الأربع الأخيرة، بدأت خيبة الأمل تحلّ مكان الغضب الدائم.. وتباغتني بين حين وآخر نوبات الهلع
الغضب لم يعد نارًا داخلي، أمسى رمادًا متكتلًا بالزيت الثقيل.. لا شيء يشعل قلبي.

المكتبة فتحت؟ عن إذنكم.


خيريّة، تستغلّ المقاهي
الجمعة 22 يوليو
2:00 مساءً

تعليقات

مقالات فنية

من هو القيم الفني؟

ماذا ينبغي أن يقول الفن؟

لا بأس، ستأتي فرصة أخرى