صفحات النّهار - الصفحة السادسة

 عتاب، أرى فيها الكثير من الفرح، أنظر إليها وأفكر في نينا سيمون أحيانًا، لا لشبه، بل لفرق.. بين أن نغني في ثورة، وأن نغني في محاولة لسرقة الفرح، "عتاب لم تستسلم" سمعتها في بودكاست، كيف تفكر عتاب؟ لا أعرف، سمعت في البودكاست أيضًا أنها كانت تخفي مرضها عن ابنتها، عتاب تهتم بالجمهور كثيرًا، أفكر.. أيّ امرأة أنا؟ كم أودّ أن أمتلك هذه الموهبة، لا موهبة الغناء، موهبة إخفاء الألم.. لا أعلم، هل هذا صحيح؟ هل ينبغي لنا أن نخفي آلامنا ونعطي العالم ما يتوقّعه منا فقط؟ ربما أرادت عتاب أن تكون رمزًا للفرح والحياة.. أريد ذلك أيضًا، لكن نكذب على من؟ لستُ رمزًا لأيّ شيء، وآخر رمزُ قد أمثّله هو الفرح، ولا أقول أن أوّل رمز هو الألم.. لكن ما أعرفه أنني أريد أن أكون قادرة على إخراج كليهما والتعبير عنهما على حدّ سواء. 

ربما حين نجعل الناس رمزًا لشيء، نجرّدهم من إنسانيتهم، من حقهم أن يمتلكوا كل المشاعر؟ أعلم أننا لسنا الفاعلين الوحيدين هم أيضًا، عندما نصّبوا نفسهم لذلك.. لا أعتقد أن عتاب قصدت ذلك. أعتقد أنّها ببساطة امرأة كتومة؟ أو حسّاسة! لا تريد وضع المزيد من الألم في قلب ابنتها. عائلتي وضعت في قلبي الكثير، لم يكن ألمًا فقط، ندم، عار، خيبات.. 

"وأسهر.. في ليل عيونك.. وهي ليلة عمر"؟ اشتغلت بعد أغنية عتاب "من فينا يا هل ترى؟ باع الهوى واشترى؟"
لا أؤمن أن هناك ليلة بعمر كامل، ولا ليلة بليلتين.. أرى أننا نعظم الأشياء قصدًا..

نعود لعتاب، وابتسامة عتاب.. كنت أنظر لعتاب وهي ترقص، بالكاد ترى عينيها، أهكذا أبدو حين أرقص؟ 
"صوتك، همسك، بيتي وسفري، قمرك وشمسك، ليلي وفجري" 
أتهتم أيها القارئ؟ بعتاب؟ أراك تشعر بالملل.. ربما بسبب أسلوبي، وأفكاري التي لا تكتمل، وتنقطع بجملة.. 

أودّ أن أشاركك أيها القارئ أن هذه الفترة من حياتي هي إحدى الفترات التي يبدو فيها القيام من السرير أمرًا مستحيلًا، كلّ يوم، شيء مختلف يدفعني، وهناك أيام لا يدفعني فيها شيء، وأبقى حبيسة الفراش.. عتاب اليوم كانت إحدى تلك الأسباب، ألست أبدو ضئيلة جدًا؟ صغيرة جدًا؟ شابة جدًا؟ ضعيفة جدًا؟ بينما كان لعتاب مسرح، مسرح عتاب، فيه برنامج عتاب، غناء عتاب، صوتها، رقص عتاب، جسدها، أفكارها آمالها مشاعرها وخيالاتها.. كم أريد مسرحًا، أعلم أن عتاب خسرت مسرحها لاحقًا، لا أمانع الخسارة، أريد مسرحًا، أجري فيه وأرقص وأغنّي، كما أفعل في حديقتي ليلًا.. 

أو ربما أريد حديقة أكبر؟ بلا حواجز، أريد جمهورًا مثل عصافير حديقتي، يستمعون، ربما يغنون لي؟ ربما يرقصون أيضًا؟ لا أريد جمهورًا بجهاز ذكي، وصورة على شاشة، لا أريد جمهورًا يحكي سرًّا لبعضه ما يعتقد، أريد جمهورًا يعيش معي ما أفعل. هل أريد جمهورًا فعلًأ؟ 

للمرة الثانية، نسيت أن أكتب رسالة.. أعتقد أن لا رسالة لديّ بعد.. لا بأس. 

تعليقات

مقالات فنية

من هو القيم الفني؟

ماذا ينبغي أن يقول الفن؟

لا بأس، ستأتي فرصة أخرى